روائع مختارة | روضة الدعاة | السيرة النبوية | ملحمة الهجرة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > السيرة النبوية > ملحمة الهجرة


  ملحمة الهجرة
     عدد مرات المشاهدة: 3251        عدد مرات الإرسال: 0

يا خَيَالًا يَجُوبُ في الأَرجاءِ *** وَفُؤادًا يَحِنُّ لِلأَوفياءِ

هِزَّةُ الوَجْدِ تَعْتَلي قَسَماتِي *** كُلَّما ضَاءَ طَيفُهمْ في خَفَائي

وَرُخَاءُ الدُّموعِ يوقِظُ حُبِّي *** عندما يَسْتكينُ في الإبطاءِ

حَرِّكيهِ عَواصِفَ الشَّوقِ وامْضِي *** فَلعَلَّ الحراكَ دَفْقُ العَطاءِ

رُبما يَخْسَرُ السُّعَاةُ ولكنْ *** هل رَقى المستكينُ للْجَوْزاءِ

نامَ والْعَينُ أسدَلتْ هُدُبًا بع *** دَ الضُّحى كَي تعيشَ في الظَّلماءِ

إنَّما العينُ في أنيسِ الْمُنى نُو *** رٌ عَلا دَمْعَهَا بَريقُ الذَّكاءِ

تَستقي مِنْ تُراثِنا قَطراتٍ *** لِتُزيلَ الشِّعابَ بالإستواءِ

لَمْلِمِ الرَّملَ والحصى من ديارٍ *** سَعِدَتْ بالرَّبيعِ والأضْواءِ

وَاقرأ الرَّسمَ في خُدودِ بِطاحٍ *** وَطِئَتْها قوائمُ الْقَصْواءِ

ثمَّ سَلْها وضَوْءُها في ذُراها *** عنْ زَوالِ الدُّجى وليلِ الشَّقاءِ

وَاسمعِ الشَّرحَ دونَ سَبقِ كلامٍ *** مِنْ بَليغٍ يُنْبئكَ عنْ أشياءِ

أو تطاولْ لِتشهَدَ الغارَ يَزهو *** بِمُقَامِ النَّبي عندَ حِرَاءِ

وَأعدْ يا خَيالُ جبريلُ آتٍ *** يُقرئُ المُصطَفى كتابَ السَّماءِ

شِرعةٌ أُنزلتْ ووَحيٌ ونُورٌ *** وفؤادُ البشيرِ في إصْغاءِ

فَتسامى الضِّياءُ فوقَ الرَّوابي *** وَسناهُ بمكةَ الزَّهراءِ

ظَهَرَ المُصطفى بخيرِ كتابٍ *** ينشرُ الحُبَّ في نُهى الأحياءِ

يُعلنُ الهَدْيَ قبلَ فَوتِ أَوانٍ *** سابقًا شرعةَ الهوى باعْتِلاءِ

ويُنادي العِطاشَ حتى ينالوا *** مَنْهلًا منْ سُلافةِ الأصفياءِ

حَمَلَ العبءَ في ثباتٍ وعَزمٍ *** والقَويُّ الأمينُ للأعباءِ

هي ذي منحةُ الإلهِ تعالى *** يَهَبُ المخلصينَ حَملَ اللواءِ

زَفَّ بُشرى السَّماءِ حَالًا ببشرٍ *** ودَعا بالصَّفا نُهى الأقرباءِ

كُسيتْ أوجُهُ الطُّغاةِ سوادًا *** حِينما أُخبروا بِوَحْيِ السَّماءِ

حَنَقٌ في حَشَا أَبي لهبٍ يَغْ *** لي وزَوجُ اللئيمِ كالرَّقطاءِ

تنفثُ السُّمَّ ناقعًا في عِنادٍ *** شفَّ عن حَاسدٍ بلا استحياءِ

هكذا يكشِفُ الزمانُ أناسًا *** خَضَعُوا للزَّعامةِ العمياءِ

يُؤثرونَ الهَوى ولو كانَ نارًا *** والشَّقيُّ الرَّهينُ للأدعياءِ

أينَ مَنْ يَسمَعُ الهُدى بِفؤادٍ *** لِيميزَ الخَبيثَ دونَ غَباءِ

نصَّبوا اللاتَ في القلوبِ إلهًا *** وكَسوْهُ بِهالةِ الكبرياءِ

وَانْحنوا رُكَّعًا على صَنمِ العُز *** زى يَميلونَ سُجدًا بالثَّناءِ

تلكمُ شرعةُ الضَّلالِ وإبلي *** سُ زَعيمُ الشَّرائعِ العَمياءِ

بَاطِلٌ أَوْصَدَ النَّوافذ بالقس *** رِ ونورٌ يدورُ في الأحياءِ

كُلَّما أوقَدُوا اللَّظى في قلوبٍ *** صَبَرَ المخلصونَ رَغْمَ البلاءِ

بَذَلُوا السَّيفَ في رِقَابِ شُيوخٍ *** وَعَبيدٍ تَسَابَقُوا للوَلاءِ

أَتْبَعُوا مَنْ سَعَى لِربٍّ رَحيمٍ *** كُلَّ خَسْفٍ عَلى لَظَى الرَّمضَاءِ

وَالرَّسُولُ الكَريمُ نَادَى بِصَبرٍ *** لَكُمُ الفَوزُ يا رجَالَ الفِدَاءِ

مَا أُمِرنَا شبابَنا بِقتالٍ *** ما لنا غَيرُ حكمةِ الحُكَماءِ

لَيسَ أقوى مِنَ العقيدةِ تَرسُو *** في دِمَاءِ الهُداةِ والشُّهدَاءِ

قَصَدَ المسلمونَ أرضَ النَّجَاشي *** رَيثَمَا اللَّيلُ يَنجَلي عَنْ سَناءِ

بَارَك اللهُ بالوُفودِ إلينا *** شِرْعَةُ الحَقِّ وحدةٌ في البِنَاءِ

هذه الأرضُ رَحمةٌ لِضِعَافٍ *** لَنْ تَعُودي قريشُ بِالضُّعفاءِ

نورُ عِيسى وَهَدْيُ أحمدَ وَحيٌ *** أُنزِلا مِنْ مَرَاتبِ العَلياءِ

وَتَوالى الحَبيبُ يُبْلِغُ وَحْيًا *** رَغْمَ عُنفِ النَّكالِ وَالإيذَاءِ

وَبَدَا للرَّسُولِ طَيفُ ثَقِيفٍ *** عَلَّ فيهَا أصالةَ الكرماءِ

فَإذا الشَّرُّ قَدْ ثَوى في ذُرَاهَا *** وَنَمَا البُخلُ في ثَرى البُخَلاءِ

هكذا يُكْرَمُ الرَّسولُ بِدَارٍ *** عَادَ مِنهَا مُضرَّجًا بِالدِّماءِ

نَضَبَ الدَّمعُ مِنْ مَآقي قُسَاةٍ *** وَارْتَدَى القَلبُ مِعْطَفَ الكُبراءِ

فَشَكَا ضَعْفَهُ إلى اللهِ يَرْجُو *** قوةَ العَزْمِ في هُدى الخُلفَاءِ

وَتَنَادَتْ قُريشُ بالنَّدْوةِ الغَد *** رَ وَحَاكُوا المَصيرَ في الظَّلماءِ

وَنَبيُّ الهُدى يُنَاجِي بِفَيضٍ *** بِدُعَاءِ المتابِ للأشقياءِ

وَإِذَا جِبريلُ الأمينُ رَقِيبٌ *** يَكشِفُ الغَدْرَ رغمَ عُمقِ الخَفَاءِ

يَا رَسولَ السَّلامِ إنَّ جُفاةً *** نَذَرُوا خَنْقَ النُّورِ قَبلَ الضِّياءِ

فَاسْتَجَابَ النَّبيُّ للأمرِ لَمَّا *** حَانَ وقتُ الرَّحيلِ والإسراءِ

فَتَلا في الدُّعَاءِ يَاسينَ حَتَّى *** قَالَ شَاهَتْ وُجوهُهمْ بِالْعَمَاءِ

فَإذا النَّومُ مُحْكَمٌ في جُفُونٍ *** وَإذا القَلبُ مُطْلَقٌ فِي العَنَاءِ

وَأَتَى مَسْكَنَ الرَّفِيقِ أبي بَك *** رٍ يَزُفُّ الرَّحيلَ للأُمَنَاءِ

وَعَتيقٌ كلامُهُ الدَّمعُ فَيضٌ *** وَالرِّضا في فُؤادهِ البكَّاءِ

صُحبةُ المُصطفى دَليلُ وَفَاءٍ *** بَاركَ الله صَبيحةَ الأوفياءِ

فَإذا الغَارُ باسمًا يَفتحُ القل *** بَ أَمانًا لِسَيِّدِ الأنبياءِ

وَغَدا العَنكبوتُ مِنْ أوهَنِ الخي *** طِ يُقِيمُ الحصونَ للأصدقاءِ

وَالحَمامُ الوَدِيعُ لولا حَبيبٌ *** يُفْتَدَى لابتغَى سَبيلَ الجفاءِ

وَانبرَى المشركونَ بعدَ مُقَامٍ *** في جُنونٍ لِبَيتهِ للقضَاءِ

دَخَلوا البابَ بَعدَ أَنْ نَفِذَ الصَّب *** رُ وَهَزُّوا السُّيوفَ فَوقَ الرِّداءِ

وَعَليٌّ مَكانَ أحمدَ يَغْفُو *** قَدْ تَسَجَّى بالبُردةِ الخَضراءِ

يَفْتَدي أحمدَ الحَبيبَ بِرُوحٍ *** رَضَعَتْ مَنْبعَ التُّقى وَالوَفَاءِ

قَدْ تُقِيمُ الدِّماءُ حُسنَ رِبَاطٍ *** وَكَذَا الأرضُ مِنْ قَبيلِ الحَياءِ

إنَّما إثرَةُ العَقِيدَةِ أقْوى *** فَنِدَاءُ القُلوبِ أحلى النِّداءِ

وَقَفَ المُصطفى على الغَارِ يَرْثِي *** مَكَّةَ العُمرِ والصِّبا وَالعَطاءِ

أنتِ يَا مكَّةُ الَحبيبةُ قَلبي *** أَهلكِ البادئونَ بالبغضَاءِ

أَرْحَلُ اليومَ بعدَ عَيشٍ مَديدٍ *** فَعَزَائي رسالةُ الحُنفَاءِ

كيفَ يُضحي الحَبيبُ بعدَ رَحيلٍ *** مِنْ دِيارٍ قسَتْ عَلى الأبنَاءِ

يَذكُرُ الغارَ والأنيسَ وصَحبًا *** وَدِماءً جَرَتْ عَلى الرَّمضاءِ

فَإذا الصَّحبُ قَدْ غَدَوا في شَتَاتٍ *** تَركُوا دَارَهمْ إلى السُّفهاءِ

غَادَروا مَكَّةَ الكَريمةَ سِرًّا *** ثُمَّ هامُوا لَيْلاتِهِمْ في العَراءِ

حَمَلُوا مَنْهَج الرَّسولِ بِصَدْرٍ *** مُفْعَمٍ بالعَقِدةِ الغَرَّاءِ

وَشَروا دينَهُمْ بِكلِّ نَفيسٍ *** وَاستَعَدُّوا لأجلهِ لِلفدَاءِ

وَمَطايا الرَّحيلِ سَارتْ خِفافًا *** تَنهبُ الأرضَ في الدُّجى كالظَّباءِ

وَصلَ المُصطفى مَشَارِفَ عِزٍّ *** فَسَرى النُّورُ قَبلهُ في جلاءِ

يَحملُ الخَيرَ في أَصيلِ نَهَارٍ *** فَإذا أنصارُ الهُدى بانتشاءِ

وَإذا القَلبُ في صُدورِ المحبي *** نَ مُقِيمٌ عَلى أساسِ الوَلاءِ

هَلَّلوا والرُّبا تُرجَّعُ صَوتًا *** طلعَ البَدرُ في بلادِ الإباءِ

وَجَبَ الشُّكرُ يا بلادُ تُغَنِّي *** إِنَّ أحلى اللقاءِ عَذبُ الغناءِ

وَأَقامَ النَّبيُّ جمعَ صلاةٍ *** ضمَّهُمْ مسجدُ التُّقى بِقُباءِ

حَبَّذا نَفحةٌ تَطُوفُ بِنَفسٍ *** كَي تَرى مَوكبًا مِنَ الصُّلحَاءِ

قائِدٌ ثَبَّتَ السَّلامَ وأرسَى *** نبتةَ الدِّينِ فَارتقَتْ بِالنَّماءِ

كانَ منْ غَرسهَا كِبارُ هُداةٍ *** نَشَروا الدِّينَ في الرُّبا الشَّمَّاءِ

عَمَّروا البيتَ بالصَّلاةِ فَأضحوا *** صُوَرًا للمَلائِكِ الأَتقِياءِ

إِنَّما يَعْمرُ المسَاجدَ مَنْ آ *** منَ باللهِ رَاضيًا بالقَضَاءِ

يَا خَيالًا يَطُوفُ في الأرجَاءِ *** أَعْطِني عِبْرَةً مِنَ الصَّحراءِ

كِدْتُ أغفو عَنِ البُطُولَةِ يَومًا *** لا تَدعني أَمِيلُ لِلإغفَاءِ

الكاتب: د. محمد منير الجنباز.

المصدر: موقع الألوكة.